السبت، ١ ديسمبر ٢٠٠٧

يوميات الأديب المصرى محمود البدوى فى الصين

يوميات الأديب المصرى
محمود البدوى فى الصين


يقول محمود البدوى فى مذكراته اليومية التى كتبها بخط يده فى رحلته التى قام بها مع الوفد الثقافى المصرى :

وصلنا مدينة هونج كونج فى الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة الموافق 25 أكتوبر 1957 فوجدنا فى استقبالنا فى المطار السيد لو مدير وكالة الصين السياحية والأستاذ عبد السلام بدران المستشار الثقافى المصرى فى بكين ..

وقد رافقانا إلى فندق فاخر أعدا لنا الأماكن فيه .. وأصر السيد لو على أن تتحمل الوكالة كافة نفقات اقامتنا فى هونج كونج وبذل كل ما فى وسعه لراحة الوفد ورافق السيد رئيسه إلى البنك لتسهيل اجراءات صرف العملة المحولة لحساب الأعضاء ..

وكان الدليل للوفد فى كل جولاته فى المدينة .. كما تولى كافة الاجراءات المتعلقة بجوازات السفر ونقل العفش بعربات الوكالة إلى محطة السكك الحديدية ، وكان فى وداع الوفد على المحطة ..

وقد أناب عنه اثنين من مندوبيه رافقانا حتى نقطة الحدود " lowu " بين مقاطعة هونج كونج وأرض الصين الشعبية ..

ولما وصل القطار إلى هذه النقطة أسلمانا إلى ثلاثة من المستقبلين من حكومة الصين .. وهم :


* السيد تونج بو الملحق الثقافى الصينى فى كانتون
* السيدة تشن تونج الموظفة بمكتب السياحة فى كانتون
* السيد تشن بوناش الموظف بمكتب السياحة فى كانتون
( عضو لجنة الاستقبال )


وقد رحبوا بنا ترحيبا حارا وحجزوا لنا أماكن مريحة فى القطار ..
وقدموا لنا الشاى الصينى والحلوى .. وحدثونا طول الطريق عن سرورهم بوجودنا فى بلادهم .. وأنهم يقرأون فى اعجاب تاريخنا بعد الثورة وما قمنا به من أعمال عظيمة فى مدى سنين قليلة ويتمنون لنا المزيد من التقدم ..

وظلوا يرحبون بنا ويسمعونا كلمات الاخاء والمودة .. ويحدثونا عن قائدنا جمال عبد الناصر .. وانتصاره فى معركة الحرية ، وكل ما قام به من أعمال البطولة .. حتى وصل القطار إلى كانتون فى الساعة السابعة والنصف ..


وفى داخل المحطة استقبلنا استقبالا بالغ الروعة فقد وجدنا فى انتظارنا على رصيف المحطة سيادة عمدة المدينة شو كونج .. والمحافظ .. ومدير التعليم العالى .. وبعض كبار الفنانين والكتاب .. وأخذ سرب من الفتيات يقدمن لرئيس الوفد وكل عضو من اعضائه باقة من الأزهار الجميلة .. ثم خرجنا فى موكب حافل إلى حيث كانت تنتظرنا قافلة من السيارات الفاخرة أقلتنا إلى الفندق الكبير الذى أعدوه لضيافتنا ..


وبعد نحو نصف الساعة دعينا إلى مأدبة عشاء فى دار الضيافة بالمدينة .. وهناك رحب بنا عمدة كانتون وعدد من كبار شخصياتها من الموظفين الرسميين والأدباء والشعراء والفنانين .. وعلى مائدة العشاء قدمت لنا الوانا متعددة من الأطعمة الصينية المختلفة ، ونهض عمدة المدينة فرحب بالشعب المصرى وحيا زعيمه جمال عبد الناصر .. وتمنى أن تكون لروابط الثقافة الأثر الذى يرجوه لنهضة شعبين عظيمين فى التاريخ ..

ورد عليه السيد رئيس الوفد المصرى بكلمة شكر .. وحيا شعب الصين العظيم .. وتحدث عن الصلات المشتركة بين شعبين عظيمين لهما حضارة عريقة منذ سمعت كلمة الحضارة فى التاريخ ..

وقد قوبلت كلمته بالتصفيق الشديد ..

***

وقد عدنا إلى الفندق .. وفى الصباح أقلتنا السيارات إلى المطار لنسافر إلى بكين ..

***

وفى المطار وجدنا السيد مدير السياحة فى وداعنا ومعه عدد كبير من الكتاب والفنانين .. وقد تحركت بنا الطائرة فى الساعة السابعة والنصف تماما إلى بكين ..
====================================
الوصول إلى بكين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وصلنا مطار بكين فى الساعة الخامسة والثلث مساء يوم الأحد 27/10/1957 وكان فى استقبالنا فى المطار جمع حافل من كبار رجال الدولة وعلى رأسهم وزير الثقافة ورئيس جمعية الصداقة المصرية الصينية الأستاذ برهان الشهيدى ووزير التعليم والسيد حسن رجب سفير مصر فى بكين .. وصفوة مختارة من كبار رجال الأدب والفن والثقافة .. وقدمت لنا باقات من الزهور الجميلة ..

ووقف السيد وزير الثقافة فألقى كلمة ترحيب حيا فيها الوفد ثم تولى تقديم كبار المستقبلين بأسمائهم ومناصبهم إلى رئيس وفد مصر ..

وأجابه رئيس الوفد المصرى بتقديم الأعضاء المصريين إليه .. وركب بعدها الوفد السيارات إلى الفندق المعد لهم وهو أكبر وأجمل فندق فى المدينة .. حيث تناولوا العشاء بصحبة وزير التعليم العالى وبعض المودعين الآخرين ..

وبعد العشاء ذهب السيد رئيس الوفد ومعه الأستاذ نجيب هاشم إلى السفارة المصرية فى بكين لزيارة السفير ..

يوم 28/10/1957
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفى صباح يوم الإثنين زار الوفد معبد أكادو .. ورافقه فى هذه الرحلة مسز يانج .. ومس كشن تونج .. وقد استمرت الزيارة لهذا المعبد الراقى أكثر من ثلاث ساعات ..

وبعد الغداء فى الفندق .. زار الوفد قصر الامبراطور فى بكين وهو من أجمل وأعظم قصور المدينة .. وبنى فى 1419

وفى الليل حضر الوفد حفلة فى دار الأوبرا .. وكانت الرواية رائعة والتمثيل متقنا للغاية ..

يوم 29/10/1957
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
زيارة سور الصين العظيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قمنا من الفندق بالسيارة فى الساعة التاسعة ووصلنا إلى السور فى الساعة 12 ظهرا .. هذا السور يعد من عجائب الدنيا السبعة وقد بنى فى عهد أسرة الامبراطور شى هوانج تى وطوله 2700 كيلو متر ويسمى السور الذى طوله عشرة آلاف ميل .. وذلك مبالغة فى اظهار ضخامته وطوله ـ بالأميال الصينية خمسة آلاف ميل ـ ويرتفع عن الأرض 15 قدما وهو عبارة عن سور مبنى له حائط من الجانبين .. وبعد كل مسافة توجد أبراج مراقبة وبه 25 الف برج حربى و 15 الف برج للحراسة ..

هذا السور يذكره الصينيون بالأسى ويسمونه " محزنة الشعب " لكثرة من مات فيه من الشعب .. وتروى عنه القصص التى تعبر عن هذا المعنى .. منها زوجة ذهب زوجها إلى السور وغاب ولم يعد .. ولما استبطأت عودته ، ذهبت تبحث عنه ، ومضت عشرة آلاف ميل حتى وصلت إلى السور .. ولما وصلت إليه لم تجد زوجها فجلست إلى جوار السور تبكى .. حتى سقط السور .. وبدت عظام .. وتساقط الدم من أصبعها ولما شربت العظام دمها عرفت أنها عظام زوجها فجمعتها وذهبت بها

وزير الثقافة فى الصين الشعبية يكرم الوفد الثقافى المصرى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطب وزير الثقافة فقال .. أن هذه الصلات الثقافية ستقرب ما بين الشعبين وتعمل على نشر السلام ومكافحة الإستعمار .. وأن الصينيين يعتبرون المصريين اخوانهم الأعزاء .. وأن تبادل الثقافة والتجارب والمعرفة سيعمل على توطيد دعائم الإخاء والسلام البشرى ..

ورد عليه رئيس الوفد والأستاذ نجيب هاشم بأن المصريين لايمكن أن ينسوا موقف الشعب الصينى العظيم من العدوان .. وأن كلا الشعبين قاس من الاستعمار والرجعية .. وأن الصلات الثقافية ستزيدهما أخاء .. ومعرفة وتقدما فى سبيل الرقى البشرى ..

كما تكلم وكيل وزارة الثقافة والسيد برهان شهيدى رئيس جمعية الصداقة المصرية الصينية ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيارة جامعة بكين :
ــــــــــ
زار الوفد جامعة بكين وطاف فى أرجائها ودخل قاعات الدرس والمكتبة كما زار القسم الشرقى ويضم أكثر من ثلاثمائة طالب يتعلمون اللغة العربية ويدرسون آدابها ..

وتحدث مدير الجامعة .. عن الجامعة وتاريخها .. فقال انها أنشئت فى سنة 1898 وكان يعمل فيها الرئيس ماو .. ولوشين الأديب المشهور والمفكر العظيم ..

وفى سنة 1952 أجريت تعديلات فى المدارس العالية فى أنحاء البلاد ..

وقد تألفت جامعة بكين على أساس معاهد الآداب ومعاهد العلوم فى جامعة بكين القديمة وجامعة تسينغ هوا .. وجامعة بينجينغ ..فعادت جامعة بكين جامعة جديدة الطراز ومهمتها الرئيسية هى تخريج اختصاصيين بالبحوث العلمية والتربية والتعليم فى العلوم النظرية .. والعلوم الأساسية " العلوم الطبيعية والعلوم الإجتماعية "

وبجامعة بكين أربع عشرة كلية .. وهى كلية الرياضيات والميكانيكا .. وكلية الطبيعيات وكلية الكيمياء .. وكلية الأحياء .. وكلية الجيولوجيا والجغرافيا وكلية التاريخ .. وكلية اللغات الصينية وآدابها.. وكلية اللغة الروسية وآدابها وكلية اللغات الشرقية .. وكلية اللغات الغربية وآدابها .. وكلية الفلسفة .. وكلية الاقتصاد .. وكلية الحقوق وقسم التخصص فى المكتبات .. وقسم التخصص فى اللغة الصينية للطلاب الأجانب ..

ومجموع المعلمين والمعلمات 1196 .. ومجموع الطلبة والطالبات 7755

ومن الطلاب 255 طالب وطالبة من الاتحاد السوفيتى والدول الديمقراطية ودول أخرى فى أوربا وآسيا ومعظمهم يتعلمون فى قسم التخصص فى اللغة الصينية و 99 منهم يتعلمون فى الأقسام المختلفة ..

ومنذ انشاء الصين الجديدة وجامعة بكين تتطور تطورا كبيرا .. ففى الوقت الحاضر زاد عدد طلاب الجامعة إلى أربع أضعاف بالنسبة إلى عددهم وقت التحرير .. وزاد عدد المعلمين إلى خمسة أضعاف ..

وقد ارتفع عدد الكتب فى مكتبة الجامعة من مليون مجلد قبل التحرير إلى مليون وثمانمائة الف مجلد ..

وزاد عدد المعامل من 20 معملا إلى 49 معملا ..

وتدفع الدولة عن طلاب جامعة بكين كما تدفع عن طلاب المدارس العالية فى أنحاء بلاد الصين رسوم الجامعة ونفقات السكن والعلاج .. ويتمتع الطلاب من العائلات الفقيرة بإعانة التعليم من قبل الدولة .. ويستعينون بها على دفع نفقات المأكولات ..وبناء على اختصاصهم وإرادتهم توظف الحكومة كل واحد منهم بوظيفة مناسبة بعد تخرجهم فى الجامعة ..

ونتيجة الامتحان للطلاب ترتفع عاما بعد عام .. وفى آخر السنة الدراسية الأخيرة .. بلغت نتيجة الامتحان للطلاب الذين فازوا بالدرجة الممتازة والدرجة الجيدة 80 فى المائة
ـــــــــ
زيارة كوموجو :
ـــــــــــــــــــــــــ
فى يوم 30/10/1957 زرنا كوموجو .. الأديب الصينى الكبير .. فى مكتبه وحملنا له تحية رجال الأدب فى مصر .. وحدثناه عن المجلس الأعلى للفنون والآداب .. وعن جمعية الأدباء ونادى القصة وعن الكتب العربية الكثيرة التى ألفها الكتاب المصريون عن الصين الشعبية .. وعن الأدب الصينى الذى أخذ يترجم فى مصر ويعرفه جمهور القراء ..

ففى مصر كتب .. عن لوسون .. أديب الصين العظيم .. وترجمت قصة لكوموجو .. وطلبنا منه أن يعمل على ترجمة الأدب المصرى إلى اللغة الصينية باعتباره عميدا من عمداء الأدب .. فوعد بهذا .. وقال أن السبب فى عدم ترجمة الأدب المصرى إلى الصينية من قبل .. هو عدم وجود المترجمين الأكفاء الذين يجيدون اللغتين .. وقال أننا نأمل أن نتغلب على هذه المشكلة ..

وشكرناه على موقفه النبيل أيام حرب السويس ودعوته الخالصة إلى سلام البشرية إذ قاد مظاهرة فى يوم الاعتداء وخطب فيها وندد بالاستعمار ودعا إلى السلام ..

ثم أخذنا معه صورة تذكارية .. وخرج معنا مودعا حتى باب السيارة ..
ـــــــــــــــــــــــــ
دار الكتب :
ــــــ
زرنا دار الكتب .. وراعنا النظام والهدوء .. وروعة تنسيق الكتب .. وحسن عرضها .. والعمل على حفظها من الآفات وتهويتها وتنظيفها ومسح التراب والغبار عنها وكل ما يعلق بها بطريقة مثالية .. والدار تفتح من الثامنة والنصف صباحا وحتى التاسعة مساء فى كل أيام الأسبوع .. وبها خمس قاعات للمطالعة .. وتطبع كتب المؤلفين ..

وتعير الكتب للعلماء والباحثين لمعاونتهم فى بحوثهم .. كما أنها تعير الكتب لنقابات العمال والمكتبات الصغيرة فى الأقاليم ..

ويرد إليها حوالى عشرة آلاف كتاب فى السنة .. وبها 48 مليون كتاب ..

دار النشر الصينية
ــــــــــ
وهى دار كبرى تابعة لوزارة الثقافة " تصدر الكتب والمجلات بلغات مختلفة " وتصدر 5 مجلات أدبية وعلمية بأربع لغات مختلفة ..

وتعنى بترجمة الأدب الصينى إلى اللغات الأجنبية .. الروسية .. والألمانية .. واليابانية .. والإنجليزية .. والفرنسية ..

ومجلاتها ترسل بالطائرة إلى جميع أنحاء العالم ..

ومن المجلات التى تصدرها مجلة الأدب الصينى ..

وتصدر أربع محلدات فى السنة .. وفى السنة المقبلة ستصدر المجلة كل شهرين .. والدار تطبع كتب الأدب الحديث كما تطبع أدب القرن التاسع عشر والقرن العشرين .. وتطبع من الكتاب حوالى 20 الف نسخة .. وبها 373 محررا ..
ومطبعة الدار تطبع بأربع عشرة لغة وبها 700 عامل .. وآلات الطباعة ألمانية .. وروسية .. وأمريكية ..

وبالدار أقسام للقص .. والتجليد .. على أحدث الطرق وأسرعها فى انجاز المطبوعات واخراجها كاملة الصفات الفنية ..

زيارة شنيانج عاصمة منشوريا القديمة :
ــــــــــــ
يوم 31/10/ 1957
ــــــــــ

ليست هناك تعليقات: