السبت، ١ ديسمبر ٢٠٠٧

القطار الحالم فى ليل طوكيو

القطار الحالم فى ليل طوكيو


إن شبكة المواصلات فى طوكيو عديمة النظير ، إنها شىء مريح وسريع ومتألق ، وبالغ الحد فى الضخامة ، وكما أنك لا تستطيع أن تعرف العدد الحقيقى الذى توزعه جريدة أساهى ، لضخامته ، كذلك لا تستطيع أن تعرف العدد الحقيقى للسيارات فى المدينة ..

إنه رقم يدير الرأس ، ومع هذا العدد الضخم من العربات والسيارات ، من كل الأنواع وكل الأحجام ، ومع المترو الذى يمر فوق الأرض كالسهم الذى ينطلق فى جوف الأرض كالصاروخ ، ومع الترام الذى يمر فى كل دقيقة ، فإنك ترى الزحام بالغا أشده فى ساعات معينة من النهار والليل ، كما يحدث فى كل مدينة ..

وطوكيو مدينة لا يعرف موضع قدمه فيها أجنبى مهما عاش ، ولا يوجد رجل من موظفى السلك السياسى يستطيع أن يذهب وحده إلى مصرف ، أو يخطو خطوة فى المدينة دون دليل . والدليل هو سائق السيارة اليابانى ، وتستطيع بكل سهولة أن تركب تاكسى ، وتمضى فيها ولكنك تدرك بعد ساعة أنك تلف فى دوامة لا أول لها ولا آخر ..

ودخلت ذات مرة محلا فى جنزا لأتفرج على ولاعة موسيقية ، ولما سألت عن ثمنها قال لى مرافقى إننا نستطيع أن نشتريها بأقل من هذا الثمن إذا ذهبنا إلى محل آخر فى ناحية من المدينة ..

وركبنا تاكسى ، ودفعت 70 قرشا فقط لنصل إلى المحل ، ومع أن التاكسى رخيص جدا فى طوكيو نصف أجره فى القاهرة ، ولكن المدينة ضخمة ولها محطة سكة حديدية تعد أضخم وأجمل وأكبر محطة فى الشرق يدخلها أكثر من ألف قطار فى اليوم الواحد ..

ويخرج من هذه القطر نصف مليون راكب فى اليوم يتدفقون كالسيل على المدينة الحالمة ..

والسيارات منها الألمانى والأمريكى والفرنسى ، إلى جانب اليابانى ، ولكن المترو كله من صنع اليابان . إن مركباته آية فى الفخامة ، وكراسيها من القطيفة الزرقاء ومن الجلد المطرز بالحرير . والقطار يجر ثلاث وأربع عربات طويلة عليها الستر وبها المقابض ، وكلها درجة واحدة ، وهناك مكان للوقوف فى كل عربة يسع أكثر من ثلاثين شخصا ..

ومن هذه القطر السريع الذى يقف فى المحطات الكبيرة فقط والبطىء الذى يقف فى كل المحطات ، والأبواب تفتح وتغلق أتوماتيكيا ، والإضاءة قوية ساطعة بالنيون والفلورسنت ، والتدخين ممنوع كلية فى داخل العربات ..

وليس بالعربة كمسارى ، وإنما هناك رجل فى مؤخرة القطار يذيع أسماء المحطات بالميكرفون كلما وقف القطار ، وينبه إلى الرصيف إن غير القطار الرصيف ..

وتركب هذا المترو من محطات عدة ، فى طول طوكيو ، تنزل إليه عدة سلالم رخامية ، والحوائط بالقيشانى ، وفى بهو المحطة تجد أسماء المحطات على الجدران ، والآلات الأتوماتيكية التى تعطيك التذكرة تدفع عشرين ينا فى الآلة فتسقط التذكرة ، وتدخل المحطة ، لتركب القطار ..

وعندما تنتهى جولتك ، تقدم هذه التذكرة لعامل الباب وأنت خارج فالرقابة كلها محصورة عند عمال الأبواب فى المحطات ، ولا داعى لوجود الكمسارى فى داخل القطار إطلاقا ..

إن الركاب فى هذه القطر ليسوا من طبقة واحدة . فركاب الإكسبريس غير ركاب القطارات البطيئة ، وفى القطارات البطيئة تجد الفقراء والعمال ومتوسطى الحال ، وتجد الفلاحين بملابسهم اليابانية البحتة ومعهم ماتسوقوه من المدينة . وفى القطر السريعة تجد الموظفات الأنيقات بالملابس الأوربية والموظفين فى الشركات والبنوك الذين يسكنون فى الضواحى ، وتجد السائحين الذين يتطلعون إلى نظرة فى الليل الحالم ..

إن القطار يمضى بك فى جوف الليل وسط مناظر ساحرة خلابة تنسيك كل متاعب النهار . ترى المدينة بكل جمالها كاشفة عن مفاتنها فى الليل الحالم كما تكشف الحسناء عن صدر عليه حبات اللؤلؤ والمرجان متناثرة فى فتنة .

ترى الأنوار على امتداد الأفق ، تظهر ثم تختفى ، وفى كل ضاحية تبدو المنازل الخشبية الواطئة ، وأمامها الأنوار الزاهية وعليها الفوانيس وبالونات الورق مشتعلة بكل الأنوار باللون الأحمر والأزرق ، والبنفسجى . وإذا سقط رذاذ المطر حول الأرض إلى جرانيت مصقول ، والسقوف ، والمنازل المضيئة إلى منابر من الذهب ..

والجو مألوف لك حتى فى الليالى الباردة ، وتستطيع أن تفتح النافذة وتضم عليك المعطف ، وتسبح مع القطار فى الليل الحالم ..

إن المرأة اليابانية تحب الحديث . وإذا جلست اثنتان معا خرس لسان الشيطان ولكننى وجدت سربا من الحسناوات فى القطار السريع صامتات وإذا تحدثن همسن وكنا جميعا يرتدين الكومينو الطويل الأكمام ، وكن ذاهبات مثلى إلى نهاية الجولة ، وفى رءوسهن أحلام العذارى ..

ونجد فى محطات المترو السجائر والشيكولاته والتفاح ، والصحف ، والمجلات ..

الصحافة . وأساهى . رقم مذهل فى التوزيع

والصحافة فى طوكيو توزع أكبر عدد يتصوره عقل بشرى . إن جريدة أساهى التى تنكر توزيعها الحقيقى توزع ستة وسبعة ملايين نسخة فى اليوم الواحد ، وهو رقم مذهل فى الصحافة اليومية ..

وهذا الرقم يوزعه الصبيان وتلاميذ المدارس الصغار فى بكرة الصباح على البيوت والشركات والبنوك نظير أجر بسيط ولهذا لا ترى اليابانى فى طوكيو يقرأ الصحيفة أبدا فى المترو والترام ، كما تشاهد فى لندن وبرن وباريس وروما ..

وتوزيعها بوساطة الصبيان يغرس فى نفوسهم حب العمل من الصغر ويعلمهم الاستقلال والاعتماد على النفس ويحبب إليهم التكسب ..

وأهم الصحف فى طوكيو جريدة أساهى ، وجريدة ماينيشى ، وجريدة يوهيورى ..

وهى جرائد صباحية ومسائية ، وتصدر طبعات باللغة الإنجليزية كما أن صحيفة جابان نيوز ، والتيمز اليابانية تصدران باللغة الإنجليزية ..

ودور هذه الصحف بعضها ضخم ضخامة كبيرة ، وإذا أردت أن تقارن ، فاضرب دار الأخبار فى خمسين ضعفا ..

وجريدة جابان نيوز تضع على صدرها هذا الشعار " الأخبار ، من غير خوف ، أو رغبة " والإعلانات المبوبة فى جرائد طوكيو تقرأ فيها كل شىء بحرية ، حتى عن السيدة الأمريكية التى فى حاجة إلى مرافقة شاب إلى مدينة فوجى " مدينة هادئة خلابة " وصحبة رفيق إلى سيزى " بحيرة فاتنة " وحتى الرسام الذى فى حاجة إلى موديل والأسرة التى فى حاجة إلى طاهية حسناء ، والغرفة المفروشة الأنيقة عند الأسرة المحترمة ..

والصحف مبوبة تبويبا رائعا ، ومخرجة إخراجا جميلا ، وتصدر بأحدث آلات الطباعة ، وأسرعها وأضخمها ..

وتعنى بالأدب والسينما والمسرح ، والثقافة عامة والأخبار الداخلية والأخبار العالمية ..

والإعلانات تشغل جانبا مهما وحيويا : إعلانات كبيرة عن شركات الاطارات والبلاستيك ، واللؤلؤ ، والمطاط ، والخمور ، والنايلون ، وإعلانات عن الملاهى المثيرة ، مصورة ، ومتألقة ، وإعلانات عن أماكن السياحة . والجريدة من 8 صفحات وتباع بما يوازى عشرة مليمات ..

***
وهى جرائد صباحية ومسائية ، وتصدر طبعات باللغة الإنجليزية كما أن صحيفة جابان نيوز ، والتيمز اليابانية تصدران باللغة الإنجليزية ..

ودور هذه الصحف بعضها ضخم ضخامة كبيرة ، وإذا أردت أن تقارن ، فاضرب دار الأخبار فى خمسين ضعفا ..

وجريدة جابان نيوز تضع على صدرها هذا الشعار " الأخبار ، من غير خوف ، أو رغبة " والإعلانات المبوبة فى جرائد طوكيو تقرأ فيها كل شىء بحرية ، حتى عن السيدة الأمريكية التى فى حاجة إلى مرافقة شاب إلى مدينة فوجى " مدينة هادئة خلابة " وصحبة رفيق إلى سيزى " بحيرة فاتنة " وحتى الرسام الذى فى حاجة إلى موديل والأسرة التى فى حاجة إلى طاهية حسناء ، والغرفة المفروشة الأنيقة عند الأسرة المحترمة ..

والصحف مبوبة تبويبا رائعا ، ومخرجة إخراجا جميلا ، وتصدر بأحدث آلات الطباعة ، وأسرعها وأضخمها ..

وتعنى بالأدب والسينما والمسرح ، والثقافة عامة والأخبار الداخلية والأخبار العالمية ..

والإعلانات تشغل جانبا مهما وحيويا : إعلانات كبيرة عن شركات الاطارات والبلاستيك ، واللؤلؤ ، والمطاط ، والخمور ، والنايلون ، وإعلانات عن الملاهى المثيرة ، مصورة ، ومتألقة ، وإعلانات عن أماكن السياحة . والجريدة من 8 صفحات وتباع بما يوازى عشرة مليمات ..

***
وهى جرائد صباحية ومسائية ، وتصدر طبعات باللغة الإنجليزية كما أن صحيفة جابان نيوز ، والتيمز اليابانية تصدران باللغة الإنجليزية ..

ودور هذه الصحف بعضها ضخم ضخامة كبيرة ، وإذا أردت أن تقارن ، فاضرب دار الأخبار فى خمسين ضعفا ..

وجريدة جابان نيوز تضع على صدرها هذا الشعار " الأخبار ، من غير خوف ، أو رغبة " والإعلانات المبوبة فى جرائد طوكيو تقرأ فيها كل شىء بحرية ، حتى عن السيدة الأمريكية التى فى حاجة إلى مرافقة شاب إلى مدينة فوجى " مدينة هادئة خلابة " وصحبة رفيق إلى سيزى " بحيرة فاتنة " وحتى الرسام الذى فى حاجة إلى موديل والأسرة التى فى حاجة إلى طاهية حسناء ، والغرفة المفروشة الأنيقة عند الأسرة المحترمة ..

والصحف مبوبة تبويبا رائعا ، ومخرجة إخراجا جميلا ، وتصدر بأحدث آلات الطباعة ، وأسرعها وأضخمها ..

وتعنى بالأدب والسينما والمسرح ، والثقافة عامة والأخبار الداخلية والأخبار العالمية ..

والإعلانات تشغل جانبا مهما وحيويا : إعلانات كبيرة عن شركات الاطارات والبلاستيك ، واللؤلؤ ، والمطاط ، والخمور ، والنايلون ، وإعلانات عن الملاهى المثيرة ، مصورة ، ومتألقة ، وإعلانات عن أماكن السياحة . والجريدة من 8 صفحات وتباع بما يوازى عشرة مليمات ..

***
وهى جرائد صباحية ومسائية ، وتصدر طبعات باللغة الإنجليزية كما أن صحيفة جابان نيوز ، والتيمز اليابانية تصدران باللغة الإنجليزية ..

ودور هذه الصحف بعضها ضخم ضخامة كبيرة ، وإذا أردت أن تقارن ، فاضرب دار الأخبار فى خمسين ضعفا ..

وجريدة جابان نيوز تضع على صدرها هذا الشعار " الأخبار ، من غير خوف ، أو رغبة " والإعلانات المبوبة فى جرائد طوكيو تقرأ فيها كل شىء بحرية ، حتى عن السيدة الأمريكية التى فى حاجة إلى مرافقة شاب إلى مدينة فوجى " مدينة هادئة خلابة " وصحبة رفيق إلى سيزى " بحيرة فاتنة " وحتى الرسام الذى فى حاجة إلى موديل والأسرة التى فى حاجة إلى طاهية حسناء ، والغرفة المفروشة الأنيقة عند الأسرة المحترمة ..

والصحف مبوبة تبويبا رائعا ، ومخرجة إخراجا جميلا ، وتصدر بأحدث آلات الطباعة ، وأسرعها وأضخمها ..

وتعنى بالأدب والسينما والمسرح ، والثقافة عامة والأخبار الداخلية والأخبار العالمية ..

والإعلانات تشغل جانبا مهما وحيويا : إعلانات كبيرة عن شركات الاطارات والبلاستيك ، واللؤلؤ ، والمطاط ، والخمور ، والنايلون ، وإعلانات عن الملاهى المثيرة ، مصورة ، ومتألقة ، وإعلانات عن أماكن السياحة . والجريدة من 8 صفحات وتباع بما يوازى عشرة مليمات ..

***

وهى جرائد صباحية ومسائية ، وتصدر طبعات باللغة الإنجليزية كما أن صحيفة جابان نيوز ، والتيمز اليابانية تصدران باللغة الإنجليزية ..

ودور هذه الصحف بعضها ضخم ضخامة كبيرة ، وإذا أردت أن تقارن ، فاضرب دار الأخبار فى خمسين ضعفا ..

وجريدة جابان نيوز تضع على صدرها هذا الشعار " الأخبار ، من غير خوف ، أو رغبة " والإعلانات المبوبة فى جرائد طوكيو تقرأ فيها كل شىء بحرية ، حتى عن السيدة الأمريكية التى فى حاجة إلى مرافقة شاب إلى مدينة فوجى " مدينة هادئة خلابة " وصحبة رفيق إلى سيزى " بحيرة فاتنة " وحتى الرسام الذى فى حاجة إلى موديل والأسرة التى فى حاجة إلى طاهية حسناء ، والغرفة المفروشة الأنيقة عند الأسرة المحترمة ..

والصحف مبوبة تبويبا رائعا ، ومخرجة إخراجا جميلا ، وتصدر بأحدث آلات الطباعة ، وأسرعها وأضخمها ..

وتعنى بالأدب والسينما والمسرح ، والثقافة عامة والأخبار الداخلية والأخبار العالمية ..

والإعلانات تشغل جانبا مهما وحيويا : إعلانات كبيرة عن شركات الاطارات والبلاستيك ، واللؤلؤ ، والمطاط ، والخمور ، والنايلون ، وإعلانات عن الملاهى المثيرة ، مصورة ، ومتألقة ، وإعلانات عن أماكن السياحة . والجريدة من 8 صفحات وتباع بما يوازى عشرة مليمات ..

***

وبطوكيو أعظم وكالات أنباء فى العالم ، وتذيع الأخبار من طوكيو قبل بكين ، وفى طوكيو وكالة الاسوشيتدبرس ، واليونيتدبرس ، ووكالة الأنباء الفرنسية ، ووكالة رويتر ، ووكالة الأنباء المركزية للصين ..

ووكالة كيودو هى أكبر وكالة توافى بأنبائها الصحف ، وبعدها فى المدينة وكالة جيجى ..

وفى طوكيو مكاتب لكل المجلات العالمية ، للايف والريدرز دايجست والتايمز والقيم ، والموند ..

وللإذاعة أربع محطات كبيرة فى طوكيو ، ومبانيها على أحدث ما وصل إليه العقل البشرى فى المعمار وأدخل التليفزيون فى عام 1953 ..

واليابانى كما يقرأ الصحف المثيرة يقرأ الكتب ، وبطوكيو مكتبات ضخمة فيها كل كتب العالم باللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية والروسية ، ولا توجد أمية فى اليابان ..

والتعليم الإبتدائى إجبارى وكذا فى المرحلة الثانوية المتوسطة ..

وجامعة طوكيو أقدم جامعة أنشئت منذ سنة 1869

وقد راعنى مكتبة كلية الحقوق بهذه الجامعة بها ملايين الكتب والمراجع ، ثم قسم الجراحة بكلية الطب ..

وقبل أن ندخل هذا القسم ، وهو مبنى على أحدث طرق البناء ومزود بكل العدد والآلات الحديثة ، ونظافته لا حد لها .. خلعنا أحذيتنا ، وألبسونا معاطف بيضاء ، وأخفافا ، وكانت الفتيات اللائى تلبسنا هذه الأشياء ترتدين المعاطف نفسها ..

وكانت هناك جراحة خطيرة دقيقة فى القلب ، وقد اكتفيت بالجلوس على كرسى ومشاهدة العملية بالتليفزيون ، وأحيانا كنت لا أستطيع أن أتطلع إلى شاشته وأغلق عينى ..

وتستطيع بكل بساطة أن تقول إن الجراحة فى اليابان لا تقل عن الجراحة فى أمريكا وفى أوربا ..

واليابان تهتم بتعليم كل فرد فى الدولة حتى الصم والبكم ، وقد انشئت لهم أول مدرسة فى مدينة طوكيو فى سنة 1923 ومن سنة 1948 أصبحت الدراسة عليهم إجبارية وحتمية ..

وبطوكيو الآن مائة مدرسة ومدرسة لهؤلاء وبها أربعة آلاف مدرس . والتعليم والطعام مجانا ، وقد راعتنى الموسيقى التى يعزفها هؤلاء الأطفال والأشغال اليدوية التى يجيدونها إجادة تامة ثم ذكاؤهم الخارق ..

وبالقسم الداخلى فى كلية البنات المراتب على الحصير والاستذكار على " الشلت " والجو اليابانى الخالص . وكان كل أربع فتيات ينمن فى حجرة والعناية بالغة بالتدبير المنزلى ، وتربية الأطفال ، ثم النظافة التامة وخلعت حذائى وأنا أدخل عنبر البنات ..

القمار فى قلب العاصمة

إنك بعد أن تخرج من محطات المترو فى حى شمباسى تشاهد محال القمار بكثرة ، محال كبيرة من طابق واحد ، ومن طابقين ، ويقف الجمهور وراء صفوف متراصة من الآلات الأتوماتيكية يسقط البلى ، ويتمنى الربح والحظ السعيد ..

إنها آلات " ساحرة " واللعبة نفسها أكثر سحرا وأسرا ، بدليل أننى كنت أجول خمس ساعات فى الليل وأعود فأرى الوجوه نفسها واقفة وراء هذه الآلات وقالت لى الفتاة الجميلة الجالسة وراء الخزانة فى محل من هذه المحال :
ـ تفضل والعب .. جرب حظك ..
ـ أشكرك .. إننى أكتفى بالمشاهدة ..
ـ ولماذا لا تلعب .. إذا خسرت تعال وسأعطيك كل ما فى خزانتى ..
ـ إذا لعبت مرة سأجىء إلى هنا كل يوم من السابعة ، ولن أرى بعد ذلك شيئا فى طوكيو ..
وابتسمت وكانت تعرف مبلغ ما فى القول من صدق ..

إن هذه الآلات الجهنمية الساحرة رأيت مثلها فى مدينة كونستنرا منذ عشرين سنة وكنا نمضى النهار والليل فى الكازينو وراء هذه الآلات الجهنمية ، ولا نبرح المكان أبدا ، وكان فى الطابق الثانى من الكازينو فى ذلك الوقت كل حسناوات العالم ، جئن من أطراف الأرض يتصيدان الرجال ، ومع هذا كنا لا نراهن لأن اللعبة السحرية كانت تستغرق كل وقتنا وتستهوى كل مشاعرنا ..

***

البيت اليابانى

فى مأدبة عشاء تقدمت لى سيدة أنيقة ترتدى الكومينو القصير الأكمام ، وهذا علامة على أنها سيدة متزوجة وليست عذراء وكان بيدها آلة تصوير ، وطلبت أن تأخذ لى صورة .. فقلت :

ـ أوافق بشرط أن تعطينى صورة لك ..

فاحمر وجهها احمرارا لا مثيل له ، وارتبكت ، وتصورت أننى قلت لها كلاما لا يليق ، ولاحظت ارتباكها ، فابتسمت وتجاهلت شرطى ، والتقطت الصورة ، وجاء فى أثناء ذلك زوجها فقدمته لى ، وكان " بروفوسير " وذا ذقن مدببة ، وقد درس سبع سنوات فى لندن ، ومع هذا فلهجته الإنجليزية فيها لكنة . واليابانى لايستطيع مهما درس فى الخارج أن ينطق الحروف الإنجليزية سليمة أبدا ..

وتبسط الأستاذ وزوجته معى فى الحديث وتحدثنا عن المسرح فى طوكيو ، وسألنى الرجل :
ـ هل أعجبتك طوكيو ..؟
ـ إنها فوق كل تصورات الخيال ..
ـ ورأيت كل الأشياء الجميلة التى فيها ..؟
ـ أحاول ذلك بقدر المستطاع ..
ـ وهل رأيت الريف اليابانى ..؟
ـ ذهبت إلى هناك الأسبوع الماضى ..
ـ وما هى ملاحظاتكم على الفلاح ..؟

ـ إنه نظيف ، ومنظم فى عمله ، ومجتهد للغاية . فالفدان الواحد يقسمه إلى أربعة وخمسة وستة أقسام ، وراعنى التقسيم الهندسى الرائع للأرض برغم أنه يستعمل يديه ، ولاحظت أنه يعتمد اعتمادا كليا على زوجته وعلى الحصان ..

وضحكت زوجة البروفوسير ، وقالت لى برقة :
ـ إننا هنا فى طوكيو ، ليس عندنا أحصنة على الإطلاق ..

والمرأة اليابانية تعمل فى الريف منذ مئات السنين بعكسها فى المدينة ، فإنها لم تخرج من البيت إلا منذ سنوات قليلة ..

وقبل انتهاء الحفل دعانى الرجل لأتناول الشاى فى بيته فقبلت الدعوة مسرورا وذهبت إليه فى ليلة من ليالى الخميس ، وقال لى الرجل وهو يستقبلنى بالكومينو على الباب ..

ـ لقد رأيت أن يكون كل شىء طبيعيا ، فى حياتنا وملبسنا ، لتعرف عاداتنا ..
وهذا صحيح ، فإن اليابانى الذى يلبس اللباس الأوربى فى خارج البيت ، فى الجامعة ، وفى البنك ، وفى الشركة ، وفى المصنع يرتدى الملابس اليابانية البحتة فى بيته ويحتفظ بكل تقاليده وعاداته لا يغيرها أبدا ..

وكان مسكن الرجل فى الطابق الثانى من بناية قديمة ، وبعد أن اجتزت العتبة ببضع خطوات ، وجدت الحصير فى المدخل وكان الرجل يود أن البس الخف فوق الحذاء ولكننى رأيت أن أفعل مثلهم ، وخلعت حذائى ، ومشيت فى ممشى مفروش بالحصير ، حتى وصلت قاعة الشاى ، وكانت فسيحة وشرقية ، ونوافذها زجاجية مسدل عليها الستر ، ورأيت شيئا أشبه بالطاولة فى وسط القاعة ، وعليه أكواب الشاى ..

وجلسنا إلى الطاولة على حشيات ، ولاحظت أن زوجة الرجل خارجة من الحمام توا ..

وكنت أود أن أسأل بعض الأسئلة ، ولكننى خفت من احمرار وجهها مرة أخرى ، فصمت ..

وشربت الشاى مثلهم من غير سكر ، أو لبن ..

والمرأة اليابانية تستحم مرتين فى اليوم على الأقل ، ولذلك تعنى بالحمام عناية فائقة ، وحتى الفلاحة فى الريف تجد فى بيتها بانيو من الصاج أو أية مادة أخرى وتخصص مكانا للحمام بأية وسيلة لأنها ضرورة من ضرورات حياتها ..

كان بيت الرجل من حجرتين كبيرتين ، ولكن هاتين الحجرتين تنقلبان إلى أربع وخمس غرف صغيرة بوساطة فواصل متحركة فى وقت النوم ..

وهم يعنون بقاعة الشاى عناية فائقة ، وهى مكان طعامهم وسمرهم وسهرهم وفى حجرة النوم ترى المراتب والملابس والفراش كلها فى داخل الحوائط ، ولا ترى فى الحجرة إلا مكانا مرتفعا بمقدار قراريط عن الأرض توضع فوقه " المراتب " فى الليل . والأرضية كلها من الخشب المغطى بالحصير الأبيض النظيف ، وفى أطرافه حواش جميلة ..

وهناك باقات من الزهور فى كل مكان ..

والأرض والحوائط كلها كأنها مغسولة بالماء والصابون والفرشاة منذ لحظات ، نظافة تامة لا حد لها فى كل مكان ..

وهناك تماثيل لبوذا ، إلههم المعبود ، وأوان من الخزف ، ومن الصين المطعم ، وزهريات جميلة وصنادل مرتفعة من الخشب ، وتلبسها المرأة إذا خرجت إلى الطريق ..

وإلى جانب كل هذا القديم كان فى البيت راديو وتليفزيون ، ومعطف للأستاذ من النايلون الخالص ..

ولم يكن فى بيت الرجل أطفال ، ولعله متزوج حديثا ، أو استعمل خبرته كعالم ليمنع الحمل ، وكان هناك فتاتان جميلتان تقدمان لنا الشاى ، وتتحركان فى رشاقة الطاووس ، وكانت إحداهن أجمل من السيدة وأنضر ، وأكثر عذوبة ورقة ..

وسألت السيدة هامسا :
ـ هل هذه الفتاة من بنات الجيشا ..؟
فقالت مبتسمة :
ـ لا .. إن الجيشا غالية الثمن .. ونحن فقراء ..
ـ وهل تسمحين لإحداهن .. أن تعيش هنا ..
ـ أنا ضعيفة جدا فى هذه المسألة فأرجو أن تعفينى من هذا السؤال ..
وعاد إلى وجهها الاحمرار ..



ليست هناك تعليقات: